تعلم كيف تتعلم: الدليل العلمي علي طريقة التعليم الصحيحة
هل تعلم كيف تتعلم؟
سؤال قد يبدو غريبا بعض الشيء، أليس كذلك؟
![](https://shamsedu.com/wp-content/uploads/2023/01/01-3-1024x682.png)
يتقدّم العلم اليوم بسرعة تجعل العقل يتوهّج حيرانا أمام تسارعها حيث يتمّ تطوير صناعات جديدة كلّ يوم، وتظهر للعلن تقنيّات جديدة في كلّ لحظة، واليوم وأكثر من أيّ وقت مضى، فإنّ المدارس والشّركات والمنظّمات باتت تحتاج جميعا إلى متعلّمين أكثر نشاطا وسرعة واستجابة للتّكيّف مع هذه الطّفرة الحاليّة في التّغيير المتسارع.
ففي عالم اليوم؛ قد تكون القدرة على التّعلّم بشكل أسرع هي الميزة التّنافسيّة الطّريقة الوحيدة الّتي تتفوّق بها على أقرانك في سوق صعبة وشديدة التّنافسيّة، والأعمال التّجاريّة ليست استثناء عن هذا، فلقد أصبح من الواضح جدّا أنّ القدرة على التّكيّف بشكل أسرع والتّعلّم يمكن أن تميّزك في منافسة الخصوم.
والآن أهلا بكم روّاد مدوّنة شمس الكرام مع هذه المقالة الجديدة، وسنتحدّث فيها عن موضوع نجيب فيه عن تساؤل تعلم كيف تتعلم، وكيف تتجنّب تعلّم الأشياء بطريقة خاطئة، وسنناقش ضمنها آراء الخبراء، والبحوث الّتي أجروها في هذا المجال.
أولا: لنتعلم كيف نتعلم، نحتاج إلى فهم أدمغتنا:
في كتابها “تعلم كيف تتعلم” ، أوضحت الدّكتورة “باربرا أوكلي” الأستاذة في جامعة أوكلاند في مشيغان قائلة: إنّ العلم وحده هو الّذي يقف وراء تعلّم موضوع جديد، أو إتقان مهارة جديدة.
فعندما تتعلّم موضوعا جديدا، فستحدّث بعض التّغييرات في دماغك، وحتى تعلم كيف تتعلم فعليك أن تفهم كيفية تكوين روابط جديدة بين الخلايا العصبيّة، وكلّما زادت الممارسة لما تعلّمته، فستصبح تلك الاتّصالات أقوى وأمتن وأسرع في الدّماغ، ممّا يتيح لك استرجاعها بسهولة، وهذه هي الطّريقة الصّحيحة لتعلّم أيّ شيء سواء أكان موضوعا أو مهارة أو حتّى تعلّم لعب لعبة جديدة.
إنّ التّعلّم يعيد تنشيط عقلك، ويمكن إعادة تنشيط عقلك بهذه الطّريقة بمجرّد معالجة جزء من المعلومات في الذّاكرة قصيرة المدى، حيث يحمل دماغنا هذه المعلومات إلى الذّاكرة طويلة المدى، ويقوم بإجراء الاتّصالات والمقارنات مع الذّكريات الموجودة بالفعل هناك.
وهكذا تنقل المسارات العصبيّة لدماغنا هذه الذّكريات إلى النّواة الهيكليّة، حيث تتمّ مقارنتها بالذّكريات الموجودة وتخزينها في ذاكرتنا طويلة المدى، وهذا هو السّبب في أهميّة الاستعارات والأمثلة والقياسات في أيّ عمليّة تعلّم.
اقرأ هذه المقالة لمزيد من المعلومات: أهمّ 7 أسباب يجب على المدارس استخدام نظام إدارة الطّلّاب
ثانيا: أهم وضعيّتين للتّفكير وضع التّركيز مقابل الوضع المنتشر:
ضمن سعينا للإجابة عن سؤال تعلم كيف تتعلم؟ فقد ساقنا بحثنا إلى أن الأبحاث المكثّفة الّتي أجريت حول كيفيّة تعلّمنا أظهرت أنّ لدينا طريقتين رئيسيّتين نعالج بهما المعلومات عند تعلّم موضوع جديد أو موضوع جديد؛ وهما التّفكير المنتشر، ووضع التّركيز.
أحيانا وفي مرحلة ما، يجد بعض الطّلّاب وحتّى الكبار منهم صعوبة في التّركيز، بينما تأتيهم أحيانا أفكار رائعة أثناء الاستحمام، وغالبا ما تكون أفكار الاستحمام صحيحة، ومدعومة بالأدلة العلميّة.
إذن فثمّة طريقتان رئيسيّتان للتّفكير؛ طريقة مركّزة وطريقة منتشرة، ويمكن أن تساعدك قدرتك على فهمِها بشكل كبير في التّعلّم، ولو كنت أحد الوالدين فيمكنك أيضا دمج بعض هذه الأنشطة للمساعدة في تعظيم تعلّم أطفالك.
- أمّا وضع التّركيز أو التّفكير المركّز:
فهو حالة ذهنيّة شديدة اليقظة، فعندما يستخدم عقلك أقصى قوّته للتّركيز، يكون مثل شعاع اللّيزر الّذي يتمّ توجيهه إلى شيء ما، ففي هذه الحالة الذّهنيّة يقوم دماغك بتكبير المعلومات الّتي تقرؤها لتكون قادرا على التّركيز فيها وتعلّم الموضوع المستهدف، وهذه الحالة تعتبر أفضل وضع للدّراسة والحفظ وتعلّم موضوع صعب.
وعندما تكون في وضع التّركيز، فإنّك تفكّر في مسار واحد، وخيط واحد في كلّ مرّة، ربّما تكون قد اختبرت هذا من قبل أثناء دراسة شيء ما دون أيّ مصدر إلهاء.
- وأمّا أسلوب التّفكير المنتشر:
فهو في الأساس حالة ذهنيّة تدور حول الصّورة الكبيرة، حيث تتناسب الأشياء معها، فبدلا من التّركيز والدّخول في تفاصيل شيء ما، فإنّ التّفكير المنتشر هو عندما تترك عقلك يتجوّل بحريّة لإجراء اتّصالاته بين الأشياء الموجودة بالفعل في ذهنك، وهذا يفسّر سبب ظهور الأفكار الإبداعيّة دائما أثناء القيام بأنشطة الاسترخاء، مثل: الاستحمام على سبيل المثال.
حيث يساعدك الوضع المنتشر على فهم موضوع ما، أو إيجاد حلّ لمشكلة تحاول حلّها.
وهذا هو السّبب في أنّ أخذ استراحة من وقت لآخر أمر مهمّ، وكلّنا نتذكّر أنّهم يقولون لنا أن ننام بعد الدّراسة ولكننا لم نكن نفهم السّبب، ببساطة إنّ التّفكير المنتشر هو الجواب، فعندما تنام أو تمشي بعد الدّراسة، فإنّك تسمح بالتّعلّم المنتشر للسّيطرة على عقلك والقيام بالسّحر.
![](https://shamsedu.com/wp-content/uploads/2023/01/02-4-1024x682.png)
ثمّة موضوع شائع في التّعلّم الآن قد يكون ممتعا بالنّسبة لك، وهو التّلعيب.
اقرأ أكثر حول ماهيّة التّلعيب وسبب أهميّته وكيفيّة دمجه في تدريسك، كلّ هذا وأكثر تجده في هذه المقالة، التّلعيب في التّعليم: النّظريّة والتّطبيق.
ثالثا: كيف تدمج وضعيتي التّفكير السّابقتين في تعلّمك؟
والآن بعد أن بت تعلم كيف تتعلم فقد تتساءل أيّهما يجب أن أستخدمه، وأيّهما أفضل، والإجابة لا شيء.
لأنّه لا يمكنك الحفاظ على الإنتاجيّة الكاملة لفترات طويلة باستخدام وضع واحد لتتعلّم بشكل أفضل، ولزيادة فهمك لموضوع ما، ستحتاج إلى الانتقال ذهابا وإيابا بين هذين الوضعين.
يمكنك سرد بعض الأنشطة المريحة الّتي يمكنك القيام بها مع طلّابك بعد الفصل، أو بعد ساعات طويلة من الدّراسة.
وللحصول على نتائج أفضل، سنحتاج إلى الاستفادة من وضعي التّفكير هذين في تعلّمنا، فالمفتاح الصّحيح هو إيجاد التّوازن بين كلا الوضعين.
![](https://shamsedu.com/wp-content/uploads/2023/01/03-2-1024x682.png)
فالتّركيز المفرط على التّفكير لن يلبث إلا وأن يصيبك بالإحباط أثناء محاولتك دفع عقلك باستمرار نحو شيء ما، ومن ناحية أخرى فسوف يمنعك الكثير من التّفكير المنتشر من فهم الموضوع بعمق، ويجعل معرفتك ضحلة وضعيفة.
فيما يلي قائمة بأنشطة الاسترخاء الّتي يمكنك القيام بها لجعل عقلك يتحوّل من التّركيز إلى وضع المنتشر:
- خذ قيلولة.
- مارس المشي.
- استمع إلى موسيقى هادئة.
- تأمّل.
- استحمّ.
من المهمّ ألّا يتطلّب هذا النّشاط أيّ نشاط دماغيّ مكثّف، فلن تحتاج إلى البقاء في وضع التّركيز لفترة طويلة من الزّمن.
رابعا: الاستنتاج:
يخزّن دماغنا المعلومات عن طريق إنشاء اتّصالات بين الخلايا العصبيّة، وكلّما زاد تفكيرك وتكراره، أصبح من الأسهل استرجاع تلك المعلومات، فعندما نتعلّم شيئا ما يكون لدينا طريقتين من التّفكير؛ طريقة الوضع المركّز والمنتشر، وسيسمح لك التّبديل بينهما بتدفّق الإبداع.
ولهذا السّبب غالبا ما يكون لدينا “أفكار للاستحمام” بعد دراسة موضوع ما باهتمام، حيث يكون الحمّام مكانا عادة ما نسترخي فيه، وهو ما يفسّر أنّ الأفكار الجديدة كثيرا ما تبرز فيه بأذهاننا.