التعليم المنزلي: المميزات و التحديات
مقدمة
مع استمرار العالم في التّطوّر والتّكيّف في العقود الأخيرة من الزّمن ذات التّغيّر المستمرّ، بات التّعليم أحد المجالات الّتي شهدت تغييرات كبيرة ومتلاحقة، حيث لم تعد الطّريقة التّقليديّة للالتحاق بالمدرسة والحصول على التّعليم هي الخيار الوحيد للأطفال، فلقد صار التعليم المنزلي اتّجاها سريع النّمو اكتسب زخما كبيرا في السّنوات الأخيرة مع صعود التّعلّم عبر الإنترنت وتفشّي جائحة COVID-19 الّتي أجبرت المدارس على الإغلاق، وهذا ما دفع العديد من الآباء إلى التّوجّه نحو التعليم المنزلي كبديل للتّعليم التّقليديّ.
واليوم أصدقائنا القراء الكرام في هذه المقالة سوف نستكشف معا كلّ ما تحتاجون لمعرفته حول التعليم المنزلي، بما في ذلك الفوائد والتّحديّات وكيفيّة البدء فيه
ما هو التعليم المنزلي؟
كان التّعليم في المنزل موجودا منذ عقود خلت، ولكنّه اكتسب زخما كبيرا في السّنوات الأخيرة، ومن الجدير بالذّكر أنّ الآباء الّذين يختارون التعليم المنزلي لأطفالهم يتحمّلون في هذا المضمار مسؤوليّة تصميم وتقديم منهج يتناسب واحتياجات أطفالهم واهتماماتهم، حيث لديهم كلّ القدرة على التّحكّم في المواد والكتب المدرسيّة والسّرعة الّتي يتعلّم بها طفلهم، فلقد أصبحت طريقة التّعليم هذه مؤخّرا شائعة بشكل متزايد بسبب مجموعة متنوّعة من الأسباب، بما في ذلك المعتقدات الدّينيّة أو الثّقافيّة، أو بسبب عدم الرّضا عن نظام المدارس العامّة، أو نمو الرّغبة في التّعليم الشّخصيّ.
أمّا بالنّسبة للآباء الّذين لديهم معتقدات دينيّة أو ثقافيّة، فلأنّه يتمّ تدريس أبنائهم معلومات تتعارض مع القيم الّتي يؤمنون بها في المدارس العامّة، وهنا يأتي دور هذا النّوع من التّعليم حيث يوفّر التعليم المنزلي لهم طريقة آمنة لنقل معتقداتهم إلى أطفالهم، وكذلك يسمح للآباء بتكييف التّعليم مع احتياجاتهم وقيمهم ومعتقداتهم الخاصّة، ويمكن للوالدين فيه اختيار الموادّ الّتي تتماشى مع معتقداتهم وقيمهم، والتّأكّد من تعليم أطفالهم بطريقة تعكس قيمهم الأسريّة.

وأمّا السّبب الآخر لاختيار الآباء تعليم أطفالهم في المنزل، فهو عدم رضاهم عن نظام المدارس العامّة، فقد بات الكثيرون يشعرون بأنّ المنهج الدّراسيّ ليس صارما بما فيه الكفاية، أو أنّ طفلهم لا يتلقّى الاهتمام والدّعم الصّحيح الّذي يحتاج إليه للنّجاح، في حين يسمح التّعليم المنزليّ للآباء بتوفير تعليم شخصيّ يعالج نقاط القوّة والضّعف الفريدة لدى أطفالهم.
اقرأ أيضا عن التعليم النشط ما هو وكيف نستفيد منه في التدريس
فوائد التعليم المنزلي
ثمّة فوائد عديدة للتعليم المنزلي، منها:
1- تخصيص التّعليم: يسمح التّعليم في المنزل للآباء بتكييف تعليم أطفالهم وتخصيصه وفقا لاحتياجاتهم واهتماماتهم الخاصّة، وهذا يعني أنّه يمكن للأطفال التّعلّم بالسّرعة الّتي تناسبهم، وبالطّريقة الّتي تناسب أسلوب التّعلّم الخاصّ بهم.
2- المرونة: يوفر التعليم المنزلي للعائلات المرونة اللّازمة لإنشاء جداولهم وروتينهم المناسب للتّعليم، وهو ما يسمح للأطفال بمتابعة شغفهم واهتماماتهم بينما لا يزالون يتلقّون تعليما جيّدا.

التّرابط الأسريّ: يمكن أن يؤدّي التّعليم المنزلي إلى تقريب العائلات من بعضها البعض أثناء عملهم معا لتحقيق الأهداف التّعليميّة، فيصير بمقدور الآباء التّمتّع بفرصة قضاء المزيد من الوقت مع أطفالهم وبناء علاقات أقوى معهم.
بيئة تعليميّة آمنة: يوفّر التعليم المنزلي بيئة تعليميّة آمنة للأطفال لا يتعرّضون فيها للتأثيرات السّلبيّة أو المواقف الضّارّة كالتّنمّر والّتي يمكن أن تحدث في المدارس التّقليديّة.
هل ترغب بزيارة مقالنا الذي يتحدث عن إيجابيات التعلم عن بعد وتحدياته؟
تحديات التعليم المنزلي
في حين أنّه ثمّة العديد من الفوائد للتعليم المنزلي، إلّا أنّ هناك أيضا بعض التّحديّات الّتي يجب أن يكون الآباء على دراية بها، وتشمل الآتي:
الافتقار إلى البيئة المنظّمة: توفّر المدارس التّقليديّة بيئة منظّمة تساعد الأطفال على تعلّم إدارة الوقت والمهارات التّنظيميّة، لكن عندما يتمّ تعليم الأطفال في المنزل، فقد يفتقرون إلى نفس المستوى من الهيكل التّنظيميّ، وهو الأمر الّذي قد يكون مربكا لبعض الأطفال، لذا يحتاج الآباء الّذين يتبنّون التعليم المنزلي إلى إنشاء بيئة منظّمة تساعد الأطفال على تطوير عادات جيّدة.
الافتقار إلى التّنشئة الاجتماعيّة: في التعليم المنزلي لا يتمتّع الأطفال الّذين يتلقّون تعليمهم في المنزل بنفس فرص التّنشئة الاجتماعيّة مثل أقرانهم الّذين يذهبون إلى المدارس التّقليديّة، لذا فقد تفوتهم بعض المهارات الاجتماعيّة المهمّة الّتي يتمّ تعلّمها من خلال التّفاعل مع أقرانهم، مثل: حلّ النّزاعات، والتّواصل، والعمل الجماعيّ، لذا يجب على الآباء الّذين يدرّسون أطفالهم في المنزل أن يراعوا توفير الفرص الممكنة لأطفالهم للتّفاعل مع الأطفال الآخرين في سنّهم.
التّكاليف الماليّة: في حين أن التعليم المنزلي غالبا ما يكون أرخص من التعليم في المدارس الخاصّة، إلّا أنّه لا تزال هناك تكاليف متضمّنة، مثل: الكتب المدرسيّة، والموادّ، والموارد، فالآباء الّذين يعلّمون أطفالهم في المنزل يحتاجون أيضا إلى التّفكير في تكلفة الأنشطة المنهجيّة والرّحلات الميدانيّة وغير ذلك، بالإضافة إلى أنّه قد يضطرّ الآباء الّذين يقومون بالتعليم المنزلي إلى التّضحية بجزء من دخلهم الشّهريّ ليتمكّنوا من تخصيص الوقت اللّازم لتعليم أطفالهم.
تحدّيات التّأهيل: يمكن أن يمثّل التعليم المنزلي تحديّا للآباء غير المؤهّلين للتّدريس، فليس كلّ الآباء يمتلكون المهارات والمؤهّلات اللّازمة لتعليم أطفالهم في المنزل، ولو كان البعض مؤهّلا فإنّ البعض الآخر قد لا يكون كذلك، لذا يجب أن يكون الآباء الّذين يقومون بالتعليم المنزلي قادرين على تدريس مجموعة واسعة من الموضوعات والدّروس المتنوّعة والّتي قد تكون شاقّة بالنّسبة للبعض من الأهالي، وقد يحتاجون معها إلى استثمار الوقت والمال في التّدريب، أو إلى تعيين مدرّسين خصوصيّين للمساعدة في تدريس الموضوعات الّتي لا يتقنونها.

يمكنك مطالعة مقالنا هذا عن أفضل التقنيات الحديثة في التعليم
خاتمة
يمكن أن يكون التعليم في المنزل نمطا فعّالا من أنماط التّعليم للأطفال بعد فهم فوائده وتحديّاته واتّخاذ الخطوات اللّازمة للبدء به، كما ويمكن للوالدين من خلاله تزويد أطفالهم بتعليم شخصيّ ومرن يلبّي احتياجاتهم واهتماماتهم الخاصّة، فإذا ما كنتم تفكّرون كآباء في نمط الدّراسة والتعليم في المنزل، فخذوا وقتكم الكافي للبحث والتّخطيط لضمان تجربة ناجحة ومميّزة.